ومضة مختصرة : مع مصافحة تركي الفيصل للرجس الصهيوني

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين , والصلاة والسلام على نبينا محمد , وعلى آله وصحبه أجمعين , ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد :
فأعترف في البداية أني جاهل في السياسية ودهاليزها , وأن علاقتي بها كعلاقة الآبق بن بخيت بالأدب , وحماد السالمي بالثقافة , ولكن مع جهلي بها , وقلة معرفتي بدهاليزها , ومع ما يتناقله الناس , من أن الأمير تركي الفيصل سياسي محنك , وخبير مجرب , إلا أن لي رؤية تختلف عن رؤيته لما حدث , وتبريره لفعله فيما بعد , وقبل أن أعرض رؤيتي رغم جهلي , أحب أن أقول : إنه لافرق عندي بين مصافحة بوش وشارون , ولارامسفيلد ونتنياهو , بل إن مصافحة خنازير البيت الأبيض أشدُّ عندي من مصافحة قردة العدو الصهيوني , لأن خنازير البيت الأبيض هم من أعطى الصهاينة الغطاء الشرعي لجرائمهم , وهم من وقف سدَّاً منيعاً ضد محاسبتهم , وهم من منحهم حق الفيتو عن أقل مايمكن صدوره من مجلس الخوف , وهو الإدانة للجرائم البشعة ضد إخواننا الأبرياء في فلسطين الجريحة .
لن أستطرد في هذا , فالحديث فيه لا أظنه ينتهي بي إلا بمجلدات من الحجم الضخم , لكن أعود لمصافحة الفيصل للخنزير الصهيوني , وسأتناولها من شقين :
الشق الأول : كان اعتذار الفيصل عن فصل الجلسة إلى ندوتين , ورفضه الجلوس معه , وتوجيهه أن ذلك ليس منه , وأنه يرى أن له مايبرره , من واقع الخنزير الصهيوني وسلوكه الفض , تجاه سفير أنقرة في إسرائيل , اعتذاراً متهالكاً , حيث كان المفترض في رأيي أن يكتفي بموقف تركيا , الذي انتصرت فيه لنفسها , وردَّت فيه اعتبارها , لأنه ليس ناطقا باسم الخارجية التركية , وأن يقوم هو بدور أكثر فاعلية , لينطق بلسان الضعفاء المقهورين , الذين ليس لهم دولة تنتصر لهم , المعزولون عن العالم , الذين مارس معهم العدو الصهيوني كل أنواع العدوان والوحشية , الذين يرون في السعودية ورجالها درعاً لهم بعد عون الله وتأييده .
الشق الثاني : برر الفيصل مصافحته للخنزير الصهيوني , بأن ذلك بعد أن اعتذر , وأنه هو من جاء إليه , وهو من أحرجه بذلك , وأعتقد أني لو كنت مكانه , وأسأل الله أن يميتني قبل ذلك , لقلت لذلك الخنزير : دعني أختصر عليك الطريق , فلا تقم لي , ولا تنتظر قيامي لك , وإن كنت صادقاً في الاعتذار , وراغباً في تحسين الصورة , فكل ماعليك , هو أن تعتذر لكل شريد وطريد وأسير وقتيل وجريح ويتيم وأرملة ومقهور ومسلوب ومضطهد ومحروم , وأن تجرِّم كل انتهاك قامت به دولتك , للأبرياء العزل , وأن تعلن تحمل دولتك لمسؤولياتها تجاه تلك الوحشية والعدوان , فإن فعلت ذلك فستجدني معك إنساناً آخرَ .
أعتقد أنك بهذا ستقطع الطريق عليه , وسترد اعتبار ملايين البشر المقهورين , وستثبت للعالم كله , أن السعودية تنتصر لفلسطين , وقد جعلتها قضيتها وهمَّها .
يؤسفني أن سياسياً مثلك – كما يقال – قبل فصل جلسات المؤتمر , وبرر الفصل بسلوك ذلك الصهيوني الفض , ولكنه وقع في فخ المصافحة , ولم يجد ما يسعفه لتلافي ذلك الموقف ! .
وهل كان اعتذار ذلك الرجس الصهيوني , الذي نفاه فيما بعد , كافياً لأن تثبت له أنك لاتحمل أي مشاعر سلبية تجاهه ؟ .
عن أي شيء اعتذر , حتى تنفي وجود مشاعر سلبية تجاهه ؟ .
هل اعتذر لك عن جرائم إسرائيل ؟ , أم اعتذر من مجازر لبنان ؟ , أم اعتذر من احتلال الأراضي ؟ , أم اعتذر من حرق المسجد الأقصى ؟ .
" رحمك الله يافيصل فإنك لاتدري ما أحدثوا بعدك "
اللهم اهدِ ضال المسلمين , وعافِ مبتلاهم , وفكَّ أسراهم , وارحم موتاهم , واشفِ مريضهم , وأطعم جائعهم , واحمل حافيهم , واكسُ عاريهم , وانصرمجاهدهم , وردَّ غائبهم , وحقق أمانيهم .
اللهم كن لإخواننا المجاهدين في سبيلك مؤيدا وظهيرا , ومعينا ونصيرا , اللهم سدد رميهم , واربط على قلوبهم , وثبت أقدامهم , وأمكنهم من رقاب عدوهم , وافتح لهم فتحا على فتح , واجعل عدوهم في أعينهم أحقر من الذر , وأخس من البعر , وأوثقه بحبالهم , وأرغم أنفه لهم , واجعله يرهبهم كما ترهب البهائم المفترس من السباع .
اللهم أرنا الحق حقاوارزقنا اتباعه , والباطل باطلا وارزقنا اجتنابه , ولاتجعله ملتبسا علينا فنضل .
اللهم أصلح أحوال المسلمين وردهم إليك ردا جميلا .
اللهم أصلح الراعي والرعية .
اللهم أبرم لهذه الأمة أمرا رشدا , واحفظ عليها دينها , وحماة دينها , وورثة نبيها , واجعل قادتها قدوة للخير , مفاتيح للفضيلة , وارزقهم البطانة الناصحة الصالحة التي تذكرهم إن نسوا , وتعينهم إن تذكروا , واجعلهم آمرين بالمعروف فاعلين له , ناهين عن المنكر مجتنبين له , ياسميع الدعاء .
هذا والله أعلى وأعلم , وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
وكتبه
سليمان بن أحمد بن عبدالعزيزالدويش
أبومالك