وممن إعداد الله تعالى لموسى وتجهيزه لتلك الرسالة المضنية مع بني إسرائيل؛ جرت واقعة سيدنا موسى عليه السلام والخضر بما فيها من عجائب الآيات والتعليم الرباني لنبيه على يد عبد آتاه الله رحمة من عند وعلَّمه من لدنه علما، وجرت تلك الواقعة بالقرب من دمياط، كما حدثت أيضاً أحداث قصة بقرة بني إسرائيل وضرب الميت يبعضها وإحيائه ليدل على قاتله، ومع تلك الغرائب والعجائب التي يشيب لهول وقعها وسرِّها الولدان؛ فإن بنو إسرائيل لم يزدادوا معها إلا لجاجاً وعناداً
وفى وسط وقلب قصر فرعون المتأله وفى داخل مخدعه يلقى الله الإيمان في قلب زوجته آسية وفى قلب ماشطة ابنته، فيذيقهم فرعون العذاب ويقتلهم بإيمانهم، وتشيع أخبارهم، وبالطبع لا يمكن تحديد توقيت تلك الحوادث وذالك لا يهم المهم أنها حدثت في وقت ما أثناء فترة الدعوة
وتحدث أيضاً عجائب واقعة قارون وكان أبن عم موسى وقيل ولاه فرعون إقليما من مصر فجمع مالاً ليس له نظير، ورأى أن لا أحداً فوقه فيما كنز، وروى القرآن تلك القصة بما فيها العبر والعظات لبنى إسرائيل في عاقبة من يجمع المال ولا يهمه سوى المال وتدبير المكائد وهى حالة بني إسرائيل أنفسهم وكأن الله تعالى يريهم أنفسهم وعاقبتهم في قارون، الذي حسد موسى قريبه على رسالته، فأراد أن يفضحه في قومه فدبَّر فرية المرأة البغي لتتهم موسى بالفاحشة فبرأه الله ويَهْلَكُ قارونُ بكلمة موسى، فيعلم الله بني إسرائيل أن الدسائس لا تفيد بل تهلك صاحبها، ولكنهم لا يعقلون
وبلغ من غيِّ بني إسرائيل وسوء ظنهم بأنبيائهم أنه لما خسف بقارون الأرض؛ قالوا أن موسى أمر الأرض أن تأخذه ليستولى على أمواله، وأساؤا الظنَّ بنبي الله فخسف الله بدار قارون وبماله الأرض، فضاع المال منهم أيضاً، ولو لم يفعلوا فربما ورثوه، ولكن سوء طبعهم لم يبق لهم من قصة قارون إلا العظة والعبرة،ولكنهم لا يعتبرون وقال بعض أهل العلم أن قصة قارون وقعت بعد الخروج من مصر والأقرب لصحة الوقائع أنها قبله
واستمر فرعون وزاد وأفاض في قتل الأبناء واستعباد النساء وهو وقومه يرون أن موسى وبني إسرائيل سبب البلاءات المتعددة التي ابتلوا بها لأنهم شؤم عليهم وصار فرعون وقد أصم أذنيه فصار لا يستمع لنصح ناصح من قومه إذا فعل مهما آتى من بينة أو حجة وارتفع بكبريائه واستعلائه وصار ولا يري قومه إلا ما يرى ويستمر في الإيذاء واستخفافه بعقول قومه الذين أطاعوه كالعميان، وبدا أن المسلسل لا نهاية له.
بل إن قوم موسى ومع تلك الآيات العظيمة والمتتالية لم يزدادوا إلا حنقاً على موسى ولم يستمعوا لنصائح موسى أن اصبروا ووعد الله لهم أن يورثهم الأرض وصار موسى وهارون بين شقي الرحى فالعذاب يزداد من فرعون لبنى إسرائيل، وبنو إسرائيل ضجُّوا بالشكوى وعدم الاحتمال وقلة المعونة وانقطاع حبال الصبر والمزيد من سوء الأخلاق والطباع والتبكيت لموسى
فكان أن بلغ السيل الزبى ووصل الأمر لنهايته وعلم موسى أن فرعون وقومه لن يؤمنوا إلا من آمن وهم قلة معدودة وفى النهاية أدرك موسى بإلهامه النبوي أن الأمر وصل ذروته التي قدرها الله فدعا الله علي فرعون وقومه، فاستجاب الله له وأخبره بذلك وأمره وقومه بالهرب والخروج من مصر وبأن الله حاميهم ومهلك عدوهم! قال تعالى {وَقَالَ مُوسَى? رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ ? رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى? أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى? قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى? يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ(88) قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ(89)} يونس
وقيل في بعض التفاسير أن بعضاً من الآيات التسع مثل الدم والطمس كان من استجابة الله لدعاء موسى كما حكت الآيات ثم شدَّد الله على قلوبهم فأغلق باب استجابة فرعون وقومه وجاء الأمر بالخروج
[فقط الاعضاء المسجلين هم من يمكنهم رؤية الروابط. اضغط هنا للتسجيل]
[فقط الاعضاء المسجلين هم من يمكنهم رؤية الروابط. اضغط هنا للتسجيل]