تحية للشعب الليبي البطل في ثورته ضد الديكتاتورية المعمرّية
أمراض أنظمة الديكتاتورية والإستبدادية واحدة
عوارضها , معاناتها , اّلامها , أوجاعها , نزفها , واحد
من سورية حتى السودان , ومن المغرب حتى دول الخليج , وبقية الشرق النائم على وسادة الفقر والجهل والفساد وكل ما يبعد الشعوب عن العيش في عصرها والتمتّع بحريتها وبقدرات أوطانها !؟
إن هذه الأمراض والعلل المزمنة التي عمرها ما يقارب النصف قرن - كما في سورية وليبيا – في حين قد دخل العالم في عصر جديد متغيّر كلياً عن ماقبله من عصور , وقد أوجد لكل الأمراض الدواء حتى للأمراض الخبيثة ..
فهل ستبقى شعوبنا تتألم وصابرة وناطرة الفرج , أو متفرجة فقط ؟ أم ستتفاعل مع هذه المتغيرات الجذرية وتعطي وتشارك في هذه المعطيات الجديدة , لكي تضع بصمتها فيه قبل أن يجرفنا السير بطميه وجراثيمه وأخطاره , رغم تخلفها عن هذا الركب – لكن عبقرية شعوبنا وماضيها الحضاري وغنى ثقافتها ومثقفيها , وامتلاكها أداة التواصل العصري وأدواته المعرفية الجديدة بكل خبرة ومهارة , وجدت الشباب نفسها أمام مهمة تاريخية يجب القيام بها قبل فوات الأوان , وقبل أن تفنى شعوبنا بما ارتكبت أنظمتنا الفاسدة الديكتاتورية من تخلف وموبقات وإجرام بحق شعوبها الصابرة التي تعض على الجرح سنيناً وعقواًد وتتكلم وتنتقد بإصلاح المسار الخاطئ , ولكن الجزّارين الحكّام استخفّوا بشعوبهم واستمروا بالبطش والسرقة , وبدأوا يقمعوا كل صوت معارض ونداء ومطلب حضاري سلمي هادئ .. وأصبحت الصورة هي الدليل والمتكلم الوحيد عن الفوارق الحادّة الموجعة , بين طبقات الفوق الحكام وحواشيهم ولصوصهم وبذخهم وبطرهم , وبين التحت الفقر والتشرد والمرض والقمع والفساد والسجون ووو الخ
ولما كان لكل عصر ثوراته , ومتغيراته , ومعطياته الإيجابية والسلبية ,
ولكل عصر هتلره وطاغيته , فقد كان وطننا العربي ما " شاء الله !" غني بالطغاة وما أكثرهم .. فلا بد من تكنيسهم الواحد بعد الاّخر ..
كيف ..؟ فلا بد من ثورة شعبية جماهيرية عارمة تكنس هذه الإنتيكات التي استبدّت بشعوبنا واحتقرت كرامته وحقوقه وأذلته وجوعته وشرّدته في كل القارات ظلماً وعدواناً !؟
فقد بدأت الشرارة من تونس الرائدة بثورتها الشعبية البيضاء وشهيدها البولعزيزيالبطل .
ثم انتقلت لمصر أم الدنيا وملتقى العالم , وبدأ هديرها المليوني يهز العالم والمنطقة كلها حتى تهاوت كل قلاع الفاشيات ومنها قلعة ( خيمة ) القذافي المعمّر بالسادية والإستبداد ..
شباب وجيل مثقفون ومتعلمون يملك الطاقة والإطلاع والتلاقي , مع واقع طبقي ناضج ومختمر للثورة والتغيير على كل الأنظمة والأفكار القديمة التي لم تعد صالحة للحياة .. فقامت ثورة الشباب وانتصرت ..
فشعوبنا المبتلية بنفس الأمراض القاتلة , ومنها الشعب الليبي , وجدت من ثورتي تونس ومصر الرائدتين قدوة ومرحلة ثورية ملتهبة يجب إستثمارها للخلاص من نظام القذافي العائلي الدموي ..
فقد بدأت إنتفاضة الشعب الليبي المجاهد يوم 16 - 17 يناير كانون الثاني الجاري , بخطة تطويق المدن بالعاصمة فسيطرت الثورة على طبرق وبنزرت وغيرها من المدن الشرقية المهمة واليوم تطوّق العاصمة بكل تضحية وبطولة بصدور أبنائها تتقدم نحو الإنتصار النهائي على الطغمة الحاكمة وعائلته ونجل القذافي سيف الإسلام الذي يتوعد ويهدد الشعب بحمام دم اّخر ويدعوه للتفاهم !؟ للتفاهم مع من ؟ أنت بأي صفة وتمثيل تهدّد , ووالدك أين أصبح منتجعه ومقرّه الصيفي ليتكلم ؟
عصابات ومافيات تحكمنا ,, وكلهم بالهوى سوا " , إبن الطاغية طاغية , وفرخ البط عوّام !؟ أولاد الطغاة طغاة ماذا أعطى الطاغية حافظ الأسد ؟ الطاغية الإبن -
لقد قالها قبله حاكم تونس بن علي – ثم حاكم مصر مبارك , وها اليوم يردّدها إسلام القذافي إبن الزعيم قبل الرحيل فلا بد أن تدافع السلطة الحاكمة عن إمتيازاتها ومصالحها ولو دمّرت المدن الليبية وذبح شعبها ؟ فبأي جرائم عصر نحن نعيش لتبقى العائلة وحاشيتها هي السيدة !؟
. الكل لا يسمع طوال مدة حكمهم واحتلالهم القصور والسلطة والمال والجيش والأجهزة الخاصة لحماية القائد الملهم , ولم يتنازلوا من تلقاء أنفسهم , لماذا لم يتفهموا ويفهموا مطالب شعبهم طوال هذه المدة الطويلة المعمّرية 42 عاما ؟
......
أيها الشعب الليبي البطل
لم تكن أقل وطنية وثورية وحراكاً وانفتاحاً وعلماً عن بقية الشعوب المجاورة الثائرة التي تحرّرت من طغاتها . فقد صنعت انتفاضتك بكل فخر وجرأة فمرحى لك والنصر أمامك مهما كلفك من تضحيات طالما حرّرت المدن وطوّقت العاصمة طرابلس .
من المؤسف أن الطغاة لا يتعلمون من دروس التاريخ ويتنازلوا عن قصورهم وامتيازاتهم ومواقفهم المعادية للشعب دون مذابح ومجازر وحشية وإراقة دماء فكان ما كان من طريق الثورة المدماة بجرائم النظام القذافي وعصاباته المستأجرة , فالحرية دوماً ثمنها غاليا أيها الإخوة , نحن نتضامن معكم في مسيرتكم الثورية .. والرحمة والخلود لشهداء الثورة الليبية الأبرار والنصر والتوفيق أمامكم ..
تحية لثورة تونس الرائدة وثورة مصر العملاقة المجيدة وثوار ليبيا الأبطال , والإنتفاضات الشعبية في الجزائر والمغرب والأردن واليمن والبحرين والعراق ,,, وسورية والباقي على الطريق ..
دنهاخ / مريم نجمه / 21 / 2 / 2011