الطعن في الانساب .. تأملات في الطاعن والمطعون !!
النسب من الموضوعات التي تلقى اهتماما من الناس كافة ، فكيف بمن يتصل نسبه بالحسن والحسين ابني فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لاشك ان هذا مطمع واي مطمع ، ومنية المتمنين ، ورغبة الراغبين ، فهو اصطفاء من اصطفاء من اصطفاء من اصطفاء ، فيكفي ان يذكر الانسان في آخر نسبه انه ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ..
لقد قرأت في المنتديات التي تخص آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم آلاف الصفحات ، حتى وصلت إلى اننا نعيش فعلا ازمة ثقة كبيرة في التعاطي مع مسألة النسب من باب النفي والإثبات ، ورايت مظاهر كثيرة مخجلة ، مع اعترافي بالافادة الكبيرة من المنتديات والتي لا انسى لها هذا الفضل الكبير ..
إنني لا ألوم ابدا أولئك الذائدون عن حياض أنساب آل البيت ، وحمايتها من الدخلاء ، فهو جهد مشكور ، وبذل مبرور ، ولكني ارى ان هناك خللا كبيرا في منهجية التعاطي مع موضوع النسب من جانبه النقدي سواء للطاعن او للمطعون فيه ، ومن هذه الملحوظات التي سأذكرها من طرف الذهن ما يلي :
1- العجلة المفرطة في النفي ، ولا يدري الانسان انه يتخوض في حقل شائك ، يحتاج الى روية وتؤده ، فإن من المستحيل ان يكون الإنسان مهما علا كعبه في هذا العلم شمس شارقة على كل الانساب ، وخاصة بعد هذا الزمن التاريخي الهائل من وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا يدري هذا المبادر للنفي ان عدم العلم لا يعني نفي العدم ، بل يكون عدم علمه دليل قصور البشر من الاحاطة بكل شي ، وخاصة ان الاشراف قد تفرقوا في الأمصار ، وتكاثروا بشكل كبير يستحيل معه الاحاطة ، وعليه فان المنهج الصحيح هو التوقف حتى يتامل الانسان في ادلة وبراهين المدعي الذي لا يعرفه ، بدلا من إثارة المعارك الكبيرة ، ثم التراجع عنها بسهولة كبيرة ، فيقع الانسان في الحرج ، فليتذكر الانسان دوما في مثل هذا الحال ان المطعون فيه قد يكون معه شائبة حق ، تجعل الانسان يتحقق فيه وعيد النبي صلى الله عليه وسلم في الطاعن بالانساب .. فلئن اسكت خيرا لي من ان اطلق كلمة يصعب علي ان اتراجع عنها او احرج نفسي مع الآخرين .
2- الانطلاق في الحكم على الانساب من الفئوية ( اي التحيز الى مجموعة وفئة ) او بلد او فرع من فروع الأشراف ، والتشكيك في كل من سواهم ، كما سمعنا من حصر الأشراف في احد ابناء فاطمة ، او في التشكيك في انساب من لم يكن من الاسرة الفلانية ، وهذا تعصب بغيض ، وتحزب آثم يبوء الانسان بآثام ملايين من المنتسبين إلى الدوحة النبوية .
3- جعل الاعراف الاجتماعية هي الحاكم على النسب ، فالشهرة هي امر نسبي ، قد يكون الفرع غير مشتهر بالشرف لظرف تاريخي ، ولكن اصوله مشهورة ومستقرة لهم الشرفية في بلدهم ، ثم ياتي من يجعل العرف الاجتماعي او المعرفة الناقصة حاكمة على نفي نسب اناس عندهم ما يثبت هذه النسبة ..
4- اتخاذ الطعن في النسب وسيلة لتصفية الخصومات والنزاعات الخاصة ، فيكون الباعث للطعن هو الخلاف حول اي قضية مادية او فكرية او مذهبية ، فينخرق المنهج العلمي ويغيب في اتون هذه النزاعات التي تشكك الناس في كل منتسب ، حين ينشر الغسيل امام الناس وتكثر المطاعن وهذا ليس في مصلحة احد .. وعليه فاني ارى ان المصلحة هي التغاضي عن بعض الانساب والتي لا ينشط اصحابها في نشرها حفظا لنسب الأشراف العام ، ويكون الطعن في الطرق الشرعية من خلال المحاكم التي يكون فيها القاضي اهلا للحكم الشرعي بعد سماع حجج الخصوم ، والاطلاع على البينات والبراهين ، لان كاتب النت ليس قاضيا يصدر حكما بالنفي والاثبات ، وقوله ليس فاصلا في الموضوع، فلن يسكت المدعي كثرة من يهاجمه ، بس يسكته حين يصدر في حقه الصك النافي لادعائه . فيكون هذا في مصلخة الطاعن والمطعون فيه ..
5- يحدث أحيانا ان ينبري للدفاع عن بعض الاسر من هو ليس أهلا للدفاع فيخذل القضية ، ويؤثر على سمعه قبيلة كاملة بسبب ضعف حجته ، ونقص معلوماته، فلربما شكك الناس في نسب صحيح بسبب خذلان صاحبه وضعفه ، وكم يضعف الحق بسبب العجمة في اللفظ واللجج في الخصومة .
6- رأيت ان أكثر من يتحمس للدفاع عن الانساب ، والاستعجال في الطعن ، بل والسب يبتليه الانسان بمن يتابع نسبه ، ولابد ان يجد عليه من الثغرات ما ينفذ من خلالها بجعله في موقع المدافع بعد ان كان في موطن المهاجم ، ولعل هذه عقوبة للجراة التي يتخذها البعض ، بل ربما يحاول البعض اقناع الناس بصحة انسابهم باظهار انفسهم بمظهر الحادب على أنساب الأشراف ، ثم يعامل بطريقته .. وهذا لا يعني اغلاق باب النقاش الواعي والعلمي والمنهجي بعيدا عن الهجائيات الفارغة ، والشتائم التي لا تليق بمن بنتسب إلى بيت النبوة .
7- التعميم في الاحكام بالتشكيك على هيئات او نقابات او مجمعات او مؤسسات تهتم بالانساب ، فيتضرر السليم بنقد المعوج ، ويتظالم الناس بسبب التعميم في الاحكام ، فهذه المؤسسات حتى لو كان فيها اخطاء او تجاوزات لا يعني ان كل من انتسب اليها قد وقع في بغي من بغى ، فالمنهجية العلمية تقتضي الوقوف على الاخطاء على وجه التفصيل بعيدا عن الاجمال الذي يشحن النفوس ، ويوقع الناس بالبغي والتظالم .
8- النقص في التحقيق العلمي في الانساب ، فتجد البعض يتكئ على قول نسابة او كتاب واحد ويغفل عشرات الكتب ، والمنهج العلمي يقتضي الاستقراء والتتبع والسبر لجميع المادة العلمية قبل الحكم ، ومثل هذا يقع في القول على الله بغير علم عندما لا يستكمل ادوات البحث الصحيحة ، ثم يقع في الطعن المذموم ، فلو كان كلامه صحيحة دون استيفاء جميع البحث لكان منهجه خاطئا ، فكيف اذا كان منهجه خاطئا ، وحكمه خاطئا ؟ الا فليتق الله الطعانون .. فان الطعن من خصال الجاهلية
منقول للأمانه ..