المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصــة حقيقية ذاك زرعك .. و هذا حصادك ***


شيخي 2011
10-03-2010, 07:39 AM
انضم خالد إلى حلقة تحفيظ القرآن الكريم ... كان خجولا هادئا ... كثير الصمت ... نشيطا فى الحفظ و المراجعة ...

أحب الجميع ... و أحبه الجميع ... يقول أستاذه : لم نكن ننكر عليه أى شئ إلا شروده الطويل وتفكيره الساهم ...فأخدته

يوما فى رحلة إلى شاطئ البحر فلعل سره الكبير يلتقى مع هذا البحر الكبير فيفرغ ما فى نفسه من هم و يخرج ما فى

روحه من ألم ... ووقفت أمام هذا الفتى الصامت أمام هذا البحر الهادئ الصامت ... المنظر كله صمت ... في صمت ..

و فجأة يخترق هذا السكون الصامت ... صوت بكاء حار ... و نحيب مر ... صوت خالد و هو يبكى ... لم أشأ أن أقطع

عليه لذة البكاء و طعم الدموع فلعل ذلك يريح نفسه ... ويزل همه ... و بعد لحظات قال : إنى أحبكم ... أحب القرآن ...

و أهل القرآن الصالحين ... الطيبين ... ولكن أبى ... أبي يحذرنى دائما أن أمشى معكم ... يخاف منكم ... يكرهكم ...

دائما يبغضني فيكم ... و يستشهد على ذلك بقصص و حكايات و أساطير ... لكن عندما أراكم فى الحلقة تقرؤون القرآن

كنت أرى النور في وجوهكم و في كلامكم ... و لما انضممت للحلقة شعرت بالسعادة ... واجتهدت فى حفظ القرآن ...

كانت ليالى و أيامي كلها قرآنا ...
[فقط الاعضاء المسجلين هم من يمكنهم رؤية الروابط]
و لاحظ أبي التغير الذى طرأ على حياتي ، عرف بطريقة أو بأخرى أننى دخلت التحفيظ و مشيت مع المطاوعة .1(

المطاوعة : يطلقها العوام في بعض البلاد العربية على من أطلق لحيته و التزم الشرع ) .

كانت تلك الليلة السوداء ... كنا ننتظر حضوره من المقهى ... كعادته اليومية ... لنتناول العشاء فدخل البيت بوجهه

المظلم و تقاطيعه الغاضبة ، و جلسنا على سفرة الطعام ... الكل صامت ... كالعادة ... كلنا نهاب الكلام في حضوره . ثم

قطع الصمت بصوته الأجش الجهوري : لقد سمعت أنك تمشي مع المطاوعة ، فانعقد لساني ... و ذهب بياني ... و لم

ينتظر الإجابة ... تناول إبريق الشاي ... ورماه بقوة في وجهى ... و دارت الدنيا في رأسي ... وسقطت فحملتني أمى

... و صحوت من إغماءتي الخفيفة على يديها الدافئة وإذا بالصوت الجهورى يقول : اتركيه .. و إلا أصابك ما أصابه

... فاستللت جسمي من بين يدى أمى و تحاملت على نفسى لأذهب إلى غرفتى و هو يشيعنى بأبشع الشتائم ... و أحط

الألقاب ... لم يكن يمر يوم إلا و هو يضربنى ... يشتمنى يركلنى ... يرمينى بأي شئ يجده أمامه .. حتى أصبح جسمى

لوحة مرعبة اختلطت فيها الألوان الداكنة

[فقط الاعضاء المسجلين هم من يمكنهم رؤية الروابط]
كرهته ... أبغضته ... امتلأ قلبى بالحقد عليه ... و في يوم من الأيام و نحن على سفرة الطعام قال : قم و لا تأكل معنا

... و قبل أن أقوم ... قام هو وركلنى في ظهرى ركلة أسقطتني على صحن الطعام ... تخليت أننى أصرخ فى وجهه :

سوف أقتص منك ... سوف أضربك كما تضربنى و أشتمك كما تشتمنى ، سوف أكبر ... و أصبح قويا ... و سوف تكبر و

تصبح ضعيفا ... عندها أفعل بك كما تفعل بى ... ثم هربت و خرجت من المنزل ... و أصبحت أجرى و أجرى على غير

هدى بدون هدف حتى ساقتنى رجلى إلى هذا البحر و أمسكت بالمصحف أقرأ فيه حتى لم أستطيع أن أواصل من كثرة

البكاء وشدة النحيب ، ... عندها نزلت من خالد بعض دموعه النقية ... و لم أنبس بكلمة فقد ربط العجب لسانى ، هل

أعجب من هذا الأب الوحشى الذى خلا قلبه من الرحمة ؟ أم أعجب من هذا الابن الصابر الذى أراد الله عزوجل له
:: ***قصــة حقيقية ذاك زرعك .. و هذا حصادك *** ([فقط الاعضاء المسجلين هم من يمكنهم رؤية الروابط]) ::

الهداية فألهمه الثبات ؟ ، أم أعجب منهما الاثنين حين استحالت رابطة الأبوة و البنوة بينهما أشلاء و صارت علاقتهما

كعلاقة الثعلب بالذئب و الأسد بالنمر ... ؟ أخذته بيدى ، و مسحت دموعه بيدى و صبرته ... دعوت له و نصحته ببر

والده و الصبر على أذاه ... ووعدته بأن أقابل والده و أكلمه وأستعطفه ... و مضينا ... و مرت الأيام .. و أنا أفكر فى

الطريقة التى أفاتح بها والد خالد فى موضوع ابنه و كيف أقنعه ... بل كيف أعرفه على نفسى ... و أخيرا ... استجمعت

قواى و قررت أن تكون المقابلة فسرت إلى منزله و طرقت الباب ... و يدى ترتجف ... ثم فتح الباب ... و إذا بذلك

الوجه العابس ، و تلك التقاطيع الغاضبة ... فابتسمت ابتسامة صفراء لعلها تمتص نظراته السوداء ... و قبل أن أتكلم

... أمسك بتلابيب ثوبى و شدنى إليه وقال : أأنت المطوع الذي تدرس خالداً في المسجد ؟؟ ... قلت ن ، ع ، م ... قال

: والله لو رأيتك تمشى معه مرة أخرى كسرت رجلك ، خالد لن يأتيكم بعد الآن ، ثم جمع مادة فمه ... و قذف بها دفعة

واحدة فى وجه الفقير إلى الله ، و أغلق الباب و كان ختامها مسكا ... فمسحت عن وجهى و لحيتى ما أكرمنى به ...

ورجعت و أنا أسلى نفسى ... "رسول الله صلى الله عليه و سلم" فعل به أكثر من ذلك ، كذبه قومه و شتموه و رموه

بالحجارة ، أدموا رجله ... و ضعوا القاذورات فوقه ... طردوه و أخرجوه من أرضه ... و مرت الأيام و الشهور و نحن

لا نرى خالداً ... فأبوه يمنعه حتى من الخروج للصلاة ، و نسيناه فى غمرة الحياة ...
[فقط الاعضاء المسجلين هم من يمكنهم رؤية الروابط]

و مرت السنون و فى ذات ليلة بعد صلاة العشاء و فى المسجد إذ بيد غليطة تمسك بكتفى ... آه إنها ذات اليد التى

أمسكت بعنقى قبل سنين ... إنه نفس الوجه ... و نفس التقاطيع ... و نفس الفم الذى أكرمنى بما لا أستحق ... و لكن

هناك تغييرا كبيرا ... الوجه العابس ... أصبح منكسراً ، و الجسم هدته الآلام و الهموم ... فقلت : أهلاً ياعم ورحبت به

فانفجر باكيا ... سبحان الله ! ما كنت أظن أن ذلك الجبل سوف يصبح يومًا سهلاً فقلت : تكلم يا عم و أخرج ما فى نفسك

كيف حال خالد ؟ فتنهد بعمق و قال : أصبح خالد يا بنى ليس خالد الذى تعرفه ، ليس خالد الفتى الطيب الهادئ الوديع

... منذ أن خرج من عندكم تَعرَّف على شلة من شلل الفساد يلهو ويلعب ... بدأ بالدخان معهم فشتمته و ضربته ... لا

فائدة فقد تعود جسمه على الضرب واستساغت أذناه الشتائم ... كبر بسرعة كان يسهر معهم ولا يأتى إلا مع خيوط الفجر

، طُرد من المدرسة أصبح يأتينا ليلاً بلسان يَهذى ويد ترتعش ... تغير ذلك الجسم الغض الطرى أصبح جسمه مهترئًا

ضعيفًا ... أصبح وجهه أسودًا وعينه حمراء كالنار ، ذهب قلبه الطيب البار ، واستحال قلبه قاسيا كالصخر أو أشد ... أصبح لا يمر يوم إلا ويشتمنى أو يركلنى أو يضربنى ... تصور يا بنى أنا أبوه يضربنى ... ثم عاود

بكاءه الحار ثم مسح دموعه ، أرجوك يا بنى زوروا خالداً خذوه معكم ، بيتى مفتوح لكم ، بل إننى راض أن يعيش فى

منازلكم و ينام معكم ، أرجوك يا بنى أقبل يدك و ألثم رجليك أرجوك ، المهم أن يرجع خالد كما كان ، و مضى فى بكائه و

نحيبه و حسراته و تركته حتى أنهى ذلك كله ، فقلت له : يا عم ذاك زرعك ، و هذا حصادك ، ورغم ذلك دعنى أحاول .

و بدأت محاولاتى مع خالد لردّه إلى طريق الهداية و الاستقامة ... الذى انحرف عنه بتأثير الضغوط الرهيبة التى مارسها

عليه والده الظالم القاسى ... و بتأثير
الضعوط الرهيبة التى مارسها عليه والده الظالم القاسى ... وبتأثير رفقاء السوء...

حاولت أن أقابل "خالد" بأى وسليةٍ... و لكنه كان يتهرب من مواجهتى بكل وسلية ممكنة ...

بعثت له الرسائل و الخطابات ... تابعت على منزله المكالمات و الاتصالات ... انتظرته عند باب منزله الساعات تلو

الساعات ... بحثت عنه فى المقاهى و أماكن التجمعات ... ولكن دون أن أظفر بمقابلته أو محادثته أو مواجهته ... وفى

ذات مرة ... وبينما كنت سائرًا على قدمى َّ فى أحد شوارع الحارة ... إذ أواجه "خالد"

أمامى ...

عرفته مباشرة رغم تغير ملامحه كثيراً ... و عرفنى هو على الفور ...

فحاول الهرب منى ... و التملص من مواجهتى ...
[فقط الاعضاء المسجلين هم من يمكنهم رؤية الروابط]
أمسكت يده بقوة ... ضممتهُ إلى صدرى !! احتضنته إلى قلبى !! كان موقفا مؤثرا مؤلما ... لم يستطيع "خالد"

الصمود أمامه ... فانفجر بالبكاء ... ولم أتمالك نفسى أنا أيضاً ...فأجهشت بالبكاء !!

بقينا على هذه حال لدقائق ... ثم أخذته معى إلى منزلى ... جلسنا سويََّا لفترة طويلة وحكى لى "خالد" كل ما جرى له

بعد تركه (لحلقة القرآن) ... و أن حََاله قد تغيرت منذ أن فارقنا ...

أخبرتُ "خالد" بأن والده هو الذى طلب منى أن آتيه ... و أدعوه للعودة إلى (حلقة القرآن الكريم) فى المسجد !! ...

وأخبرته أن والده قد أصبح يحب الصالحين و المتدينين !! ... و دعوته إلى التوبة النصوح ... فتحتُ له أبواب الأمل و

الرجاء فى رحمة الله تعالى .... حثثته على العودة إلى المسجد و المصحف و مخالطة الصالحين ...

طلبت منه و بإلحاح شديد ... أن يعود إلى درب الهدية و الالتزام ...

و لما أكثرت عليه الإلحاح ... انفجر باكيا وهو يقول :
[فقط الاعضاء المسجلين هم من يمكنهم رؤية الروابط]
صدقنى يا أستاذ ( سلمان ) إننى أتمنى أن أعود إليكم ... و إلى المسجد و إلى درب الهداية و الاستقامة ... ولكننى لا

أستطيع ذلك ... لا أستطيع !!... لقد دمّر (أبى) بظلمه و قسوته و كراهيته للصالحين و الملتزمين كل شئ جميلٍ و سام

فى حياتى ...!!

لقد أصبحتُ أعيش فى هذه الحياة بلا هدف كريم ... أو غاية نبيلة أسعى لتحقيقها و الحصول عليها ... لقد أصبحتُ لا

أطيق الصبر عن المخدرات و الأفلام و النساء و السهرات و السفريات !!...

لقد فات الأوان يا أستاذ (سلمان) !!..لقد انتهى كل شئ !!... فدعونى أسير فى هذا النفق المظلم حتى أصل إلى نهايته

... والله أعلم ماذا ستكون النهاية ؟!!

و قبل أن يُفارقنى "خالد" نظر إلىّ نظرةً حانية لطيفة وقال :

أستاذ (سلمان) ... ادعُ الله أن يغفر لى ذنوبى و جرائمى ... وادعُ الله على (أبى) الظالم الذى قادنى إلى الهاوية !!

ثم انصرف "خالد" عنى و الدموع تتحدر من مقلتيه... و لسان حاله يقول : هذا ما جناه أبى علىّ ... لا ما جنيته على

نفسى!!..

[فقط الاعضاء المسجلين هم من يمكنهم رؤية الروابط]
انقطعت أخبار "خالد" عنى بالكلية بعد تلك الحادثة ... و عملت من أبيه أنه قد ازداد بعدها قسوة و غلطة و شراسةً معه

... وازداد ضلالاً و عنادًا و إنهماكاً

فى المعاصى ... و ظللت أدعو الله له بالهداية و الصلاح دائماً ... و فى ذات ليلة مضلمة حالكة السواد ... و قبيل

الفجر بقليل ... خرجت من البيت لشراء دواء لأحد أطفالى ... من إحدى الصيدليات المجاورة ... و كان طريقى يمر على

منزل "خالد" ... فقلت نظرى وجود سيارات شرطة عند باب منزله !! ... ترجلت عن سيارتى مسرعاً ... و اتجهت إلى

منزل "خالد" لأستطيع الخبر ... فلقيتُ أحد إخوة "خالد" واقفا على الباب ... و الدموع تتحدر من عينيه ... سألته عن

الخبر ... فأخبرنى بالكارثة الفظيعة !!...

و المصيبة المؤلمة!!...

لقد عاد "خالد" إلى البيت قرب الفجر ... و كان مخمورا سكران يهذى !!... طرق باب البيت بعنف ... حاولت الأم أن

تفتح له ... ولكن "أبا خالد" منعها من ذلك !! استمر "خالد" يطرق الباب بقسوة و عنف ... فخرج له أبوه ليطرده عن

الباب !!..
[فقط الاعضاء المسجلين هم من يمكنهم رؤية الروابط]
ودخل الاثنان فى شجار و سباب مقذع !!.. و شتم "خالد" أباه.... و حاول أن يمدَّ يده عليه بدون وعىِّ أو شعور منه

!!... و حاول الأب أن يُدافع عن نفسه !!...فضرب "خالد" بعصا غليظة كانت معه على رأسه!!..

جنَّ جنون "خالد" عندها ... فأخرج سكيناً من جيبه!!.. وهوى بها على جسد والده العجوز !!... وطعنه بها عدة طعنات

متتابعة!!.. سقط الأب على الأرض مُضرجاً بدمائه !!... و أما "خالد" فقد ولى هارباً ... جاءت سيارة الإسعاف فحملت

الأب إلى المستشفى بين الموت و الحياة !!...

قال الأستاذ (سلمان) و فى الصباح ... علمتُ أن الأب قد لفظ أنفاسه الأخيرة فى المستشفى !!... متأثراً بالطعنات التى

أصابت جسده ... و أما "خالد" فتم القبض عليه و إيداعه بالسجن ... تمهيدا لتحويله إلى المحكمة الشرعية ليواجه

مصيره المحتوم ...الموت!!..

وخرجنا فى جنازة (والد خالد) فى قبره ... وانصرف المسيعونَ... و قفت على القبر ... ودعوت له بالتثبيت ... ثم قلت له :

يا أبا خالد : هل تسمعنى ؟!!..

يا أبا خالد: ذاك زرعك !!... وهذا حصادك !! .... فذُق مرارة ما جنته يداك !!..

منقول


فما أبشعة من حصاد !!... و ما أقساها من نهاية مريرة دامية !!

فهل فهم الآباء و الأمهات هذا الدرس جيدا قبل فوات الأوان؟!!

شيخي وأفتخر
10-03-2010, 08:18 AM
قصة جميلة جدا
بارك الله فيك

همس القمر
10-03-2010, 03:35 PM
,,

قصه أليمه ..

الله يصلح الحـآل ..

مشكووور ..

همووسه ..~

هوى الغربي
10-03-2010, 05:27 PM
ذاك زرعك وهذا حصادك بورك فيك اول مرة اقرا قصه بالحجم هذا
العاده امل واتركها
الله يصلح الحال والاحوال

ابوخالد
10-03-2010, 07:05 PM
قصه محزنه

الله يحفظ اولادنا

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .