احمد عبد الرحيم
03-19-2015, 06:22 AM
شهدت فلسطين وبلاد الشام نزاعات مستمرة تسببت في حالةٍ من الفوضى والاضطراب، ظلت مستمرة حتى استولى عليها الرومان في نحو سنة 63 ق م بقيادة القائد الروماني بومبي، بعد انتصاره على ملك بونتوس، وضمه آسيا ألصغري وسوريا وفلسطين إلى الإمبراطورية الرومانية. وبذا خضعت فلسطين للحكم الروماني الذي استمر إلى سنة 614 م
وقد سمح أباطرة الرومان لأبناء فلسطين بنوع من الحكم الذاتي، ونصبوا سنة 37 ق م هيرودس الآدومي ملكًا على الخليل وبلاد يهودا ،أوالمملكة الجنوبية،المقاطعة المحيطة بالقدس، يوديا الرومانية، وكانت مساحتها نحو ثلاثة آلاف وخمسمائة ميل مربع، وكان هيرودس قد اعتنق اليهودية، وفي سنة 19ق م رغب هيرودس في بناء الهيكل على طريقة بناء سليمان، فقام بهدمه وبنائه ثانيةً، وقد شهدت البلاد نوعاً من الاستقرار والهدوء طوال عهد هيرودس، الذي ظل يحكم هذه البلاد باسم الرومان حتى وفاته سنة 4م، وخلال حكم هيرودس ،37ق.م 4م ولد سيدنا عيسى عليه السلام، ودور اليهود في محاربته معروفٌ ومسجَّلٌ بتفاصيله يقول صاحب تاريخ الإسرائيليين ( على أن اليهود لم يخلدوا إلى السكينة بعد دخولهم تحت حكم الرومان، وشق على نفوسهم أن يحتل الرومان عاصمة ملكهم وبيت مقدسهم ، فكانوا تارة يتهددون الولاة، وطوراً يطردون الجنود الرومانيين من أورشليم، وآونة يظهرون الرضا بحكم الرومان عليهم)
وقد تعاقب عليهم ولاة رومانيون ساموهم سوء العذاب، فرفعوا أمرهم إلى رومية، ولما لم يأتهم منها الفرج تظاهروا بالعصيان، وأحدثوا شغباً عظيماً، فأرسلت رومية قائدها المحنك فاسباسيان فحاصر أورشليم وحارب اليهود وظل على قتالهم إلى أن انتخبه الرومان إمبراطورا لهم، فخلفه ابنه تيطس على الحصار وقتال اليهود، وكان تيطس هذا قائداً مدرباً، وبطلاً مجرباً، ذاق منه اليهود الأمرين، وثابر على منازلتهم بالجنود الرومانية المشهورة ومنى اليهود بالانقسام الداخلي والفتن والمنازعات بينهم حتى ضعف أمرهم، وتقلص ظلهم، وتقوى تيطس عليهم فمزق شملهم، ودخل أورشليم فدكها دكاً، ودمرها تدميراً، ومات من اليهود في ذلك الحصار نحو مليون نسمة فسالت الدماء كالأنهار(1)
ثم يقول، وإلى هنا ينتهي تاريخ الإسرائيليين كأمة، فإنهم بعد خراب أورشليم الثاني على يد تيطس الروماني تفرقوا في جميع بلاد الله، وتاريخهم فيما بقى من العصور ملحق بتاريخ الممالك التي توطنوها، أو نزلوا فيها، وقد قاسوا في غربتهم صنوف العذاب والبلاء، فإن الرومان حظروا عليهم دخول أورشليم، وكان تدمير تيطس لأورشليم سنة 70م، وبعد هذا التدمير فرَّ من بقى حيًّا من اليهود إلى الأقطار المجاورة كمصر وقبرص وليبيا وجزيرة العرب
وفي سنة 132م قام اليهود بالثورة مرة أخرى بقيادة باركوخبا، واستمرت ثورتهم ثلاث سنوات، حتى قام الإمبراطور هادريانوس، بإخمادها بعد أن خرَّب القدس، وأبادها نهائيَّاً، وقام بتأسيس مستعمرة رومانية جديدة أطلق عليها إيليا كابيتولينا، وحرم على اليهود دخول هذه المدينة- وهي التي جاء ذكرها في العهدة العمرية باسم إيلياء وأقام مكان الهيكل اليهودي هيكلاً وثنيًّا باسم جوبيتر، وظل الهيكل على هذا الوضع حتى ظهور المسيحية
ظل الرومان يمنعون اليهود من دخول القدس حتى تولى الإمبراطور قسطنطين في بداية القرن الرابع الميلادي، والذي اعتنق المسيحية، وأعاد للمدينة اسمها القديم أورشليم القدس، وأجبر من بقى من اليهود في القدس على التنصر، فوافقه بعضهم ظاهرياً، وأما من رفض فقد قتل، وهدم الهيكل الوثني الذي أقامه الرومان بدلاً من هيكل اليهود، وأصبحت القدس تغلب عليها الصبغة المسيحية، بعد أن كانت ذات صبغة يهودية منذ عهد داود وسليمان
ولما زارت الملكة هيلانة والدة الإمبراطور قسطنطين سنة 335م القدس، أمرت بهدم معبد الجلجلة الوثني أيضاً، وأمرت ببناء كنيسة القيامة المعروفة اليوم وكذا العديد من الكنائس والأديرة، وفي سنة 361م، زار الإمبراطور يوليان القدس، وكان قد عاد إلى الوثنية بعد النصرانية، فأخذ في حشد اليهود إلى القدس، وبدأ في أعمار هيكل اليهود من جديد وفى سنة 591م أرسل برويز كسرى فارس جيوشه إلى فلسطين، وأمرهم بتخريبها، فخربوا معظم مدن الشام، وخاصة القدس والخليل والناصرة وصور، وكثيرًا من الكنائس، وقتلوا كثيرًا من النصارى؛ فلما رأى اليهود خلو بلاد الشام من الرومان اجتمعوا في القدس وطبرية وقبرص ودمشق نحو عشرين ألفًا، وأتوا إلى صور ليستولوا عليها، فعاد إليهم جيش الفرس، وحاصرهم وهزمهم، وقتل كثيراً منهم
وظلت بلاد الشام في أيدي الفرس إلى سنة 628م، عندما استعادها هرقل ملك الروم ودخل بجيوشه إلى القدس، واستمرَّت فلسطين خاضعة للحكم الروماني إلى أن فتحها العرب المسلمون سنة (15هـ 636م)، بقيادة أبي عبيدة بن الجراح، في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه)(2)
(1) ذكر فى بعض المصادر التاريخية والنقدية أن هذه الأرقام من القتلى والأسرى والدمار والفتك الذى حاق باليهود مبالغ فيها كثيرا أو هى من وضع اليهود وأعوانهم من الكتبة والمؤرخين على مرِّ الأزمان، والذين اعتادوا تهويل وتضخيم كل ما أصابهم من كوارث على مدى تاريخهم ليستجلبوا عطف الناس عليهم ومساندتهم لهم! وفى نفس الوقت تجدهم يكذِّبون كل الجرائم والفظائع التى أقترفوها على مدى الأيام، وأما ما لايستطيعون تكذيبه فهم يهونونه ويدعون أنه مبالغ فيه ويبررونه بكل صلافة ووقاحة أنهم أنما فعلوها مضطرين ودفاعاً عن أنفسهم!وهكذا هو دأبهم دائما وأبداً إلى الآن
(2)دراسة تاريخية علمية قائمة على المراجع: 1- تاريخ الأمم والملوك: الطبري (محمد بن جرير)ـ 2- تاريخ فلسطين القديم: ظفر الإسلام خان، 3- تاريخ القدس: عارف العارف، 4- الطريق إلى بيت المقدس: د. جمال عبد الهادي محمد، 5- عروبة فلسطين في التاريخ: محمد أديب العامري، 6- فلسطين أرض وتاريخ: د. محمد سلامة النحال، 7- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك: ابن الجوزي.
[فقط الاعضاء المسجلين هم من يمكنهم رؤية الروابط] D%E1%20%E6%E6%DA%CF%20%C7%E1%C2%CE%D1%C9&id=86&cat=2
منقول من كتاب {بنو اسرائيل ووعد الأخرة}
اضغط هنا لتحميل الكتاب مجانا ([فقط الاعضاء المسجلين هم من يمكنهم رؤية الروابط])
[فقط الاعضاء المسجلين هم من يمكنهم رؤية الروابط]
وقد سمح أباطرة الرومان لأبناء فلسطين بنوع من الحكم الذاتي، ونصبوا سنة 37 ق م هيرودس الآدومي ملكًا على الخليل وبلاد يهودا ،أوالمملكة الجنوبية،المقاطعة المحيطة بالقدس، يوديا الرومانية، وكانت مساحتها نحو ثلاثة آلاف وخمسمائة ميل مربع، وكان هيرودس قد اعتنق اليهودية، وفي سنة 19ق م رغب هيرودس في بناء الهيكل على طريقة بناء سليمان، فقام بهدمه وبنائه ثانيةً، وقد شهدت البلاد نوعاً من الاستقرار والهدوء طوال عهد هيرودس، الذي ظل يحكم هذه البلاد باسم الرومان حتى وفاته سنة 4م، وخلال حكم هيرودس ،37ق.م 4م ولد سيدنا عيسى عليه السلام، ودور اليهود في محاربته معروفٌ ومسجَّلٌ بتفاصيله يقول صاحب تاريخ الإسرائيليين ( على أن اليهود لم يخلدوا إلى السكينة بعد دخولهم تحت حكم الرومان، وشق على نفوسهم أن يحتل الرومان عاصمة ملكهم وبيت مقدسهم ، فكانوا تارة يتهددون الولاة، وطوراً يطردون الجنود الرومانيين من أورشليم، وآونة يظهرون الرضا بحكم الرومان عليهم)
وقد تعاقب عليهم ولاة رومانيون ساموهم سوء العذاب، فرفعوا أمرهم إلى رومية، ولما لم يأتهم منها الفرج تظاهروا بالعصيان، وأحدثوا شغباً عظيماً، فأرسلت رومية قائدها المحنك فاسباسيان فحاصر أورشليم وحارب اليهود وظل على قتالهم إلى أن انتخبه الرومان إمبراطورا لهم، فخلفه ابنه تيطس على الحصار وقتال اليهود، وكان تيطس هذا قائداً مدرباً، وبطلاً مجرباً، ذاق منه اليهود الأمرين، وثابر على منازلتهم بالجنود الرومانية المشهورة ومنى اليهود بالانقسام الداخلي والفتن والمنازعات بينهم حتى ضعف أمرهم، وتقلص ظلهم، وتقوى تيطس عليهم فمزق شملهم، ودخل أورشليم فدكها دكاً، ودمرها تدميراً، ومات من اليهود في ذلك الحصار نحو مليون نسمة فسالت الدماء كالأنهار(1)
ثم يقول، وإلى هنا ينتهي تاريخ الإسرائيليين كأمة، فإنهم بعد خراب أورشليم الثاني على يد تيطس الروماني تفرقوا في جميع بلاد الله، وتاريخهم فيما بقى من العصور ملحق بتاريخ الممالك التي توطنوها، أو نزلوا فيها، وقد قاسوا في غربتهم صنوف العذاب والبلاء، فإن الرومان حظروا عليهم دخول أورشليم، وكان تدمير تيطس لأورشليم سنة 70م، وبعد هذا التدمير فرَّ من بقى حيًّا من اليهود إلى الأقطار المجاورة كمصر وقبرص وليبيا وجزيرة العرب
وفي سنة 132م قام اليهود بالثورة مرة أخرى بقيادة باركوخبا، واستمرت ثورتهم ثلاث سنوات، حتى قام الإمبراطور هادريانوس، بإخمادها بعد أن خرَّب القدس، وأبادها نهائيَّاً، وقام بتأسيس مستعمرة رومانية جديدة أطلق عليها إيليا كابيتولينا، وحرم على اليهود دخول هذه المدينة- وهي التي جاء ذكرها في العهدة العمرية باسم إيلياء وأقام مكان الهيكل اليهودي هيكلاً وثنيًّا باسم جوبيتر، وظل الهيكل على هذا الوضع حتى ظهور المسيحية
ظل الرومان يمنعون اليهود من دخول القدس حتى تولى الإمبراطور قسطنطين في بداية القرن الرابع الميلادي، والذي اعتنق المسيحية، وأعاد للمدينة اسمها القديم أورشليم القدس، وأجبر من بقى من اليهود في القدس على التنصر، فوافقه بعضهم ظاهرياً، وأما من رفض فقد قتل، وهدم الهيكل الوثني الذي أقامه الرومان بدلاً من هيكل اليهود، وأصبحت القدس تغلب عليها الصبغة المسيحية، بعد أن كانت ذات صبغة يهودية منذ عهد داود وسليمان
ولما زارت الملكة هيلانة والدة الإمبراطور قسطنطين سنة 335م القدس، أمرت بهدم معبد الجلجلة الوثني أيضاً، وأمرت ببناء كنيسة القيامة المعروفة اليوم وكذا العديد من الكنائس والأديرة، وفي سنة 361م، زار الإمبراطور يوليان القدس، وكان قد عاد إلى الوثنية بعد النصرانية، فأخذ في حشد اليهود إلى القدس، وبدأ في أعمار هيكل اليهود من جديد وفى سنة 591م أرسل برويز كسرى فارس جيوشه إلى فلسطين، وأمرهم بتخريبها، فخربوا معظم مدن الشام، وخاصة القدس والخليل والناصرة وصور، وكثيرًا من الكنائس، وقتلوا كثيرًا من النصارى؛ فلما رأى اليهود خلو بلاد الشام من الرومان اجتمعوا في القدس وطبرية وقبرص ودمشق نحو عشرين ألفًا، وأتوا إلى صور ليستولوا عليها، فعاد إليهم جيش الفرس، وحاصرهم وهزمهم، وقتل كثيراً منهم
وظلت بلاد الشام في أيدي الفرس إلى سنة 628م، عندما استعادها هرقل ملك الروم ودخل بجيوشه إلى القدس، واستمرَّت فلسطين خاضعة للحكم الروماني إلى أن فتحها العرب المسلمون سنة (15هـ 636م)، بقيادة أبي عبيدة بن الجراح، في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه)(2)
(1) ذكر فى بعض المصادر التاريخية والنقدية أن هذه الأرقام من القتلى والأسرى والدمار والفتك الذى حاق باليهود مبالغ فيها كثيرا أو هى من وضع اليهود وأعوانهم من الكتبة والمؤرخين على مرِّ الأزمان، والذين اعتادوا تهويل وتضخيم كل ما أصابهم من كوارث على مدى تاريخهم ليستجلبوا عطف الناس عليهم ومساندتهم لهم! وفى نفس الوقت تجدهم يكذِّبون كل الجرائم والفظائع التى أقترفوها على مدى الأيام، وأما ما لايستطيعون تكذيبه فهم يهونونه ويدعون أنه مبالغ فيه ويبررونه بكل صلافة ووقاحة أنهم أنما فعلوها مضطرين ودفاعاً عن أنفسهم!وهكذا هو دأبهم دائما وأبداً إلى الآن
(2)دراسة تاريخية علمية قائمة على المراجع: 1- تاريخ الأمم والملوك: الطبري (محمد بن جرير)ـ 2- تاريخ فلسطين القديم: ظفر الإسلام خان، 3- تاريخ القدس: عارف العارف، 4- الطريق إلى بيت المقدس: د. جمال عبد الهادي محمد، 5- عروبة فلسطين في التاريخ: محمد أديب العامري، 6- فلسطين أرض وتاريخ: د. محمد سلامة النحال، 7- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك: ابن الجوزي.
[فقط الاعضاء المسجلين هم من يمكنهم رؤية الروابط] D%E1%20%E6%E6%DA%CF%20%C7%E1%C2%CE%D1%C9&id=86&cat=2
منقول من كتاب {بنو اسرائيل ووعد الأخرة}
اضغط هنا لتحميل الكتاب مجانا ([فقط الاعضاء المسجلين هم من يمكنهم رؤية الروابط])
[فقط الاعضاء المسجلين هم من يمكنهم رؤية الروابط]